الثلاثاء، 2 يوليو 2019

كيف ألهمت "الوقاحة" شابا فدشن مؤسسة تربح ملايين الدولارات؟


لو أن موظفا وقحا في خدمة الزبائن حرض غضبك ذات يوم، فستعرف سرّ احتفاظ هيكي فانانين بغضبه منذ زيادة عن عشر سنوات.

في حقبة التسعينيات من القرن الماضي وقتما كان هيكي ما زال في الخامسة 10 من عمره في قرية ضئيلة في فنلندا، كان يتعين عليه الذهاب إلى دكان محلي لشراء اسطوانات حاسوب، ولسوء حظه، كان مستوظف خدمة الزبائن في ذلك المتجر طول الوقت ما يعامله بشكل مريع.

يقول هيكي الذي بات في التاسعة والثلاثين: "كان الموظف باستمرار وقحا ومزدرٍ. كان ذلك تنمرا بحق، كان يتعمد تجاهلي وليس خدمتي. و كان قد ذلك يحرض حنقي، ولكن وقتما تكون صغيرا فإنك لا تدري كيف تتعامل. لم أنس الأمر بأي حال من الأحوال".

وبعد 13 عاما وفي 2008، بات هيكي في الثامنة والعشرين رائد أعمال ومبرمج حاسب الي ناجحا.

وقد أحرزت شركته المتخصصة في إصدار ألعاب الفيديو "يونيفرسومو" أعمالا لصالح بعض كبريات الشركات في هذه التصنيع مثل سيغا وديزني ووارنر ولوكاس آرتس.

إلا أن هيكي بات يتطلع إلى فكرة عمل جديدة.

واستعان هيكي بخبرته التي اكتسبها خلال فترة مراهقته في دكان الحاسوب في قريته، فقرر افتتاح مؤسسة تعاون غيرها من المؤسسات على رصد درجة ومعيار الخدمة التي تقدم للزبائن والعمل على تحسينها.

وبشكل أكثر تحديدا، كانت الفكرة تتمثل في تشييد نموذج جوهري يُسهّل الحصول على ملاحظات الزبائن بحيث يتسنى لهم عبر هذا النموذج الإجابة عن أسئلة تتعلق بخبرتهم في التعامل مع المؤسسة، وذلك عبر سؤال عما لو كان موظفو المؤسسة تعاملوا على نحو جيد بما يكفي، وعمّا لو كان الأكل المقدم في المطعم جيدا بما يكفي، أو بمعنى آخر هل سعِد الزبائن بشكل سريع تلبية طلباتهم؟

وتظهر الأسئلة على شاشة. ويتعين على العميل أن يضغط على واحد من أربعة وجوه "باسمة"، من سعيد بشكل كبير، إلى سعيد، إلى مستاء قليلا، أو مستاء جدا. ثم تضطلع مؤسسة "هابي أور نوت" بجمع المعلومات وإرسالها عبر البريد الإلكتروني إلى الشركة.

يقول فيل ليفانيم الشريك المؤسس لـ "هابي أور نوت": "أظنها كانت فكرة رائعة. وكنت أكاد أجزم أن أحدهم لا بد قد صنع شيئا مشابها، إلا أن بالبحث على الشبكة العنكبوتية لم أعثر على أحد وكنت مندهشا بتلك النتيجة. وعليه، فقد شرعنا في الإستراتيجية لتنفيذ ذلك التصور عام 2008، وبالفعل قمنا بافتتاح المؤسسة عام 2009".

واليوم تلتجئ نحو أربع آلاف شركة في صوب 134 دولة إلى مؤسسة "هابي أور نوت" لقياس مدى رضا العملاء عن الخدمات المقدمة. ومن بين تلك المؤسسات: مطار هيثرو في لندن، وفريق سان فرانسيسكو 49 لكرة القدم الأمريكية، وشركة بوتس لتجارة التجزئة في المملكة المتحدة، وسلسلة شركات شو ستيشن في الولايات المتحدة ومتجر كارفور العملاق في دولة فرنسا.

وظل فيل يعمل مع هيكي في شركة "يونيفرسومو"، وبما ادخراه من مبالغ مالية من مبيعاتها دشّنا مؤسسة "هابي أور نوت".

وقد كانت أولى كبريات المؤسسات التي استعانت بـ "هابي أور نوت" هي سلسلة دكاكين تعتبر من أضخم ثلاث شركات في فنلندا، وقد كانت تبحث عن أداة يمكنها بواسطتها التعرف على درجة طزاجة الفواكه والخضروات في المحلات.

يقول فيل: "لقد وجد القائمون على الأمر في الدكاكين أنه وفي ظل أفضل تأدية، لم يكن الزبائن سعداء بحالة الفواكه والخضروات في أوقات معنية من اليوم، وباستخدام البيانات التي استطعنا توفيرها للشركة، أصبح في إمكانها على سبيل المثال تأمين موز طازج لفترة المساء".

وفي مدة قصيرة، باتت شركة "هابي أور نوت" تتطلع إلى زبائن من خارج فنلندا، وقد كانت الطليعة من السويد في الجوار. إلا أن، كما يعترف فيل، فإن بعض الشركات لا تهتم.

يقول فيل، أربعين عاما: "لقد كنا نُقابَل في بعض الأحيان بالسخرية من بعض المؤسسات، لا سيما في الطليعة، إذ لم تكن تلك الشركات تأخذ الشأن على محمل الجد. ولم يكن القائمون على أمرها يقدّرون ضرورة ما نفعل. إلا أن ما يدعو إلى السرور هو عدد المؤسسات التي صرحت لنا "لا" في الطليعة ثم لم تلبث عقب سنين قليلة أنْ عدلت عن رأيها وطلبت الاستعانة بنا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق